26 - 10 - 2025

ملامح | عباس صفة وليس اسما

ملامح | عباس صفة وليس اسما

في عالمنا العربي أسماء باتت رتبة (بضم الراء) وأخرى صارت صفة.. ومن بين تلك الأسماء التي تحولت لصفة اسم محمود عباس، وهو صفة تطلق على كل من يسير داخل الجدار الإبراهيمي، أو يسعى للدخول.

وتلك الصفة تحاول إرضاء الرب الإله بالبيت الأبيض والكابينت، بإشعال الشموع بأضرحتهم، بإسكات الأصوات المعارضة لهما، والطواف حولهما بالقلب بتنفيذ ما طلب ويطلب، وإذا ما غضبا عليه فذلك اختبار رباني للتحقق من مدى إيمانه، وهل هو عبد إبراهيمي صالح، أم مارق (؟).. هل هو منبطح أم مقاوم (؟)

على رأس السلطة الفلسطينية يوجد محمود عباس، مقاوم ضد المقاومة، يشتمها لأنها تغضب الرب، ويكرهها لتجاوزها في المعصية.

عباس الفلسطيني، في الوقت الذي تؤكد فيه التقارير الأممية الباكية على أوضاع الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، لسوء أوضاعهم، لتنفيذ إسرائيل عمليات تدمير في شمال الضفة وتجبر الفلسطينيين على النزوح القسري، وتندد باستمرار الممارسات الإسرائيلية ضد أهل غزة، واستخدامها الجوع وإغلاق المعابر سلاحاً لزيادة معاناتهم، ويحذر محافظة القدس من انهيار أجزاء من المسجد الأقصى جراء حفر السلطات الإسرائيلية للأنفاق، بخلاف انتهاك حرمة المسجد، وتصديق الكنيست على قانون بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة، وكشفت قناة كان العبرية أن رئيس جهاز الشاباك الجديد، دافيد زيني، أصدر قرارا بحظر استخدام مصطلح "الضفة الغربية" داخل أروقة الجهاز واستبداله بـ"يهودا والسامرة".. وسط كل ذلك يركز عباس الفلسطيني وأركان سلطته بإصدار بيانات يهاجمون فيها المقاومة، مرددين ما تقوله الآلهة بنزع سلاح المقاومة، وألا يكون لها دور في إدارة القطاع، وتحميلها مآسي القطاع، وإرسال نائبه للقاهرة ودول الخليج، ومقابلة المدير التنفيذي لإدارة قطاع غزة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، لمناقشة الأوضاع بالقطاع ضمن خطة ترامب، وإبداء الاستعداد للمشاركة في حكم القطاع.. ويبدو أن عباس وشركاه أدركوا أنه لا ماكن لهم بالضفة في قادم الأيام فقرروا، التحول لسكنى القطاع وإدارته وفقا للمعايير الأمريكية الإسرائيلية، تماما كما يدير الضفة.. علماً ـ وربما لا يدركون ـ أن خطة ترامب تستبعد السلطة من إدارة القطاع، وأن عباس لن يكون متواجداً لا في الضفة ولا قطاع غزة.. وكعكة إعادة إعمار القطاع بعيدة عن "شنبه" لوجود صراع حيتاني بين مصر وتركيا وأمريكا وشركات دول الاتحاد الأوروبي وما يستجد من منافسين.

ومن عباس الفلسطيني إلى العباسين اللبنانيين جوزاف عون ونواف سلام، كلاهما يقاوم المقاومة، ويحرص على سحب سلاحها، ولا صوت يعلو بالتنديد والرفض والشجب على الانتهاكات الإسرائيلية لسماء وأرض لبنان، حتى بعد تحليق الطيران الإسرائيلي فوق القصرين الجمهوري والحكومي، وتنفيذ الاحتلال 20 غارة على الجنوب والبقاع في يوم واحد، بدعوى تدمير مصنع ومركز تدريب لحزب الله.. والعدوان المتواصل على قرى الجنوب الحدودية لتهجير سكانها تمهيدا لإنشاء منطقة عازلة خالية من اللبنانيين، تحت ستار منطقة ترامب الصناعية.

الفرق بين عباس عون، وعباس سلام، أن عباس الأول هادئ ينتظر لحظة ضعف المقاومة للانقضاض عليها، فيما عباس الثاني متسرع، ولا يخفي العداء للمقاومة، ويسعى لتنفيذ المخطط الذي تم وضعه له من قبل أمريكا وفرنسا والإبراهيميين لتنفيذ خطة سحب السلاح، فهو ما بين جملة وأخرى يذكر حزب الله، فمثلا يقول "الهدف تحويل حزب الله إلى حزب سياسي من دون الاحتفاظ بميليشيا مسلّحة، لأن لبنان بحاجة إلى مساعدة دولية عاجلة لمواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، ما نطالب به اليوم هو التطبيق الكامل لوقف إطلاق النار المعلن في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، والهدف واضح وهو استعادة احتكار الدولة للسلاح جنوب نهر الليطاني خلال 3 أشهر".. ذلك إلى جانب عملاء السفارات وأدعياء السيادة، الحريصون على سحب سلاح المقاومة دون التنديد بالانتهاكات الإسرائيلية لسيادة لبنان، وتوضيح كيف ستحمي لبنان سيادتها بعد سحب سلاح المقاومة، التي يقوم الاحتلال بالعدوان عليها بشكل يومي.

أما عباس السوري، فهو مختلف عن العباسين في رام الله وبيروت، فهو الأسرع والأدق.. وإن كان بصبغة دينية، لقد ترك الجيش الإسرائيلي يبيد الترسانة العسكرية السورية، ويتوغل في الجنوب السوري، والتركي يحتل بجيشه والفصائل المسلحة التابعة له على عدة مناطق بمحافظات حلب وإدلب والرقة والحسكة في الشمال بمساحة تقدر بحوالي 8835 كم² وتضمّ أكثر من 1000 بلدة.. عباس السوري، والمعروف بأحمد الشرع قائد تنظيم جبهة النصرة الحاكم، تخلص من السلاح والجيش النظامي، ومن مفهوم الدولة المؤسساتية لدولة الميليشيات، ليدخل الجدار الإبراهيمي نقياً نظيفاً من أي ذنوب تعيق دخوله جنة البيت الأبيض والكابينت.

العباسين في رام الله وبيروت ودمشق، ينفذون البرامج الموضوعة لهم، بتقليم سلاح أوطانهم، ونزع المقاومة المسلحة، لتأمين الحدود المحيطة بالكيان المحتل لضمان العيش الرغد بزعم أن إبادة المقاومة والتطهر منها وسلاحها الذي يرهب ويقلق الكيان يضمن لبلادهم تنمية اقتصادية والأمن والاستقرار، علماً بأن القوة المسلحة هي خير ضامن لكل ذلك.

رحم الله الأوطان من العباسين وعملاء السفارات، والأنظمة الإبراهيمية الساعية لتنفيذ أحلام الصهيونية الأمريكية، والتي تشترط لتمويل إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية في غزة وبيروت بسحب سلاح المقاومة، فيما تدعم التنظيم الإرهابي الحاكم في سوريا لطواعيته وانصياعه، وكأنها تقدم نموذجاً للطواعية والالتزام بآداب العبادة البيضاء ذات الخطوط الزرقاء. وأدام عليكم يا معشر العباسين والإبراهيميين رضاء ملك الزمان ترامب والذي رآه أبنه "إريك" يدخل الجنة ويد الله فوق رأسه، عله يسحبكم معه إلى جنته الموعودة، لأنكم مثله جعلتم حياة الشعوب في اليمن والعراق وسوريا وليبيا والسودان ولبنان حياة فاضلة.
-------------------------
بقلم: محمد الضبع


مقالات اخرى للكاتب

ملامح | عباس صفة وليس اسما